تكوين الشخصية والعوامل المؤثرة فيها ونظرياتها

السلام عليكم، علم النفس بكل ما له من أهمية هو بحر لا أول له ولا آخر تفرع منه العديد من العلوم الأخرى كعلم النفس المعرفى وعلم النفس التعلم و علم نفس الشخصية، قال لى أحدهم ذات مرة متهكماً: هل يستطيع الإنسان التحكم فى تصرفات غيره؟ قلت له: نعم، قال لى: كيف؟، فمددت يدى إليه لأصافحه فصافحنى، قال لى ما هذا؟ قلت له أثبت لك ما قلته فى البداية، جعلتك تفعل ما أريد (أن تصافحنى).

ربما لم يتعود الإنسان وخصوصاً فى مجتمعنا العربى على هكذا أسلوب ولا أستبعد نفسى كعربى ولكن بالفعل هو موجود حيث يمكن للإنسان التحكم فى صدور فعل معين لإنسان آخر وفى الحقيقة نفعلها كثيراً بحياتنا ولكن لا ندرى كأن تلقى بعض المدح لشخص ما لتلقى إستحسانه؛ فأنت بالفعل تحسه على فعل ما تريد، ومن هنا تأتى أهمية معرفتك للشخصية وكيف تتكون وتتأثر؟

علم نفس الشخصية

تعريف الشخصية

بما أن الشخصية تختلف من شخص لآخر فقد أختلفت التعاريف للشخصية، ولكن ما أتفق عليه العلماء هو أن الشخصية نظام كامل من الميول والرغبات وإستعدادات الفرد للقيام بعمل ما من الناحية الجسمية والعقلية ما يجعل الإنسان يتكيف مع البيئة المحيطة به، كما أنها تتصف بالثبات النسبى أى أن أفعال الفرد ليست ثابتة كما هى طوال حياته بل من الممكن أن تتغير من مرحلة عمرية لأخرى.

الخلق والمزاج

كثيراً ما يختلط الأمر بين الشخصية والخلق والمزاج، والحقيقة هى العكس تماماً فهناك فرق بين ثلاثتهم:

  1. الشخصية: هى السلوك الذى لا يُعد بالضرورة صواب أو خطأ، مناسب أو غير مناسب للآخرين.
  2. الخلق: يشير للسلوك الذى يُعد صواب أو خطأ، مناسب أو غير مناسب للآخرين، يقول ألبورت "أن الخلق هو الشخصية المُقيمة وأن الشخصية هى الخلق الغير مُقيم".
  3. المزاج: من معناها فإنها تُشير إلى الحالة المزاجية وهى انفعالات وادافع الفرد المميزة له كالهدوء أو التسرع أو الكلام بسرعة دون تفكير؛ ويتضمن مفهوم المزاج أقل مما يتضمنه مفهوم الشخصية.

تكوين الشخصية

تتكون الشخصية من بناءين أولاهما وظيفى والآخر دينامى، فى الحقيقة لا أحب ذكر المصطلحات العلمية البحتة هكذا، فالبناء الوظيفى ببساطة هو طول ووزن ومهارات وذكاء الفرد وما يحب ويكره وكذلك نشأته داخل أسرته ومدرسته ومجتمعه.

أما البناء الدينامى فهو عبارة عن الشعور واللاشعور لدى الفرد.
انتبه: عوامل تؤثر فى شخصيتك
  1. عوامل حيوية: لها صلة بالنمو الجسمى حيث تؤثر إفرازات الغدد فى سواء سلوك الفرد أو إختلاله فإذا كان الإفراز منتظماً كان الفرد أكثر نشاطاً وتفاعل والعكس صحيح فى حال إضطراب إفراز الغدد، وعلى هذا يدخل إنتظام وسلامة الجسد على سلوك الشخصية.
  2. الوراثة: نعم فالوراثة تؤثر فى شخصيتك، حيث أن الجهاز العصبى لديك يرث خصائص من والديك وأجدادك تتدخل فى سلامة سلوكك من إختلاله.
  3. البيئة المحيطة بك: وهى كل ما يحيط بك كإنسان من ثقافة منتشرة فى المجتمع وعادات وتقاليد مُتبعة حيث تختلف الثقافات وتتنوع من مجتمع لآخر كالمجتمع الغربى والمجتمع الشرقى واختلاف الثقافة فيما بينهم، وعلى كلاً فكلما كانت البيئة هادئة ومناسبة كلما أثرت بالإيجاب على نمو شخصية متميزة لك.
  4. الأسرة: وتُعد المؤسسة الأولى التى تنتمى إليها كفرد منذ ولادك وحتى بلوغك مرحلة الشباب واحياناً حتى مراحل متقدمة من العُمر، لذا فهى تؤثر وبشكل كبير جداً فى تشكيل سلوكك وتطوره للأفضل ومن ثم تكوين شخصية مميزة أم لا.
  5. المدرسة: المؤسسة التالية للأسرة من حيث الأهمية وهى تساعد فى تشكيل شخصية الفرد إما بالإيجاب عندما تنشأ كطفل وتلمبذ وطالب فى جو يسوده المحبة والتعاون والعناية أو بالسلب إذا ما نشأت فى جو ديكتاتورى لا يٌعطى فرصة للمشاركة و إبداء الرأى، ومن هنا إذا كنت أب أو كنتِِ أم أحرصوا على جو مدرسى أفضل لأولادكم وإذا كنت طالب وتخضع للتحطيم والنعت بالفشل دائماً لا تستسلم وأثبت للعالم أنك بالفعل مُتميز.
  6. أصدقائك: يجب أن تراعى اختيار الأصدقاء المرافقين لك وكما تقول المقولة "الطيور على اشكالها تقع" ونحن فى مجتمع يأخذ بالمظاهر للأسف فلا تترك فرصة ليتمكن منك غير الصالحين.
  7. وسائل الإعلام: وما ادراك ما وسائل الإعلام فى يومنا هذا، وأنت تجد كل من هب ودب يطلق على شخصه اليوم إعــلاميـــــاً، اللهم الإ القلة القليلة التى تعى بكم القهر الذى يُعانى منه الفرد وهنا أتحدث عن الفرد المصرى وأنا واحد من الناس دى.
  8. المساجد والجوامع: ودروها فى بناء شخصية سوية وقوية تتسم بالمحبة والتسامح والعطاء والكرم والشهامة وغيرها الكثير من السمات المهمة، فأين نحن اليوم واين المساجد.

لعل تلك العوامل مهمة جداً فى إجتماعها لتكوين شخصية مُميزة ومختلفة فى ظل تشابه وتقليد بحت ينتشر بيننا اليوم، لابد لك وأن تتميز بشئ وتتفرد به هذا الإختلاف الجميل بداخلك فقط أبحث عنه بداخلك وستجد الطريق لشخصية قوية تحقق معها كل أحلامك.

نظريات الشخصية

بناء على تعدد تعاريف الشخصية فقد تعددت نظرياتها هى الآخرى وبداية من النظرية التكوينية التى نظرت للشخصية على أنها أنماط منها (قصير بدين) و (طويل نحيف) و (النحيف) و (الرياضى) وغيرها إلى نظرة العرب قبل الإسلام ومروراً بنظرية بن سينا وهى تقسم الشخصية لقوى ظاهرة (اللمس والشم والسمع والبصر والتذوق) وقوى باطنة (الحس الذى يميز معطيات الحواس المختلفة) وصولاً إلى النظرية الأشهر لفرويد وهى كما يلى:

  1. الهو: وهى الحد الأدنى للشخصية حيث تشير لها عند ولادتها دون أى تفاعل مع البيئة أو المجتمع أى أنها تتسم بالشهوانية كالحاجة للأكل والشرب والمحافظة على تلبية حاجة الغرائز ويشير لها مبدأ اللذة حيث لم يظهر بعد الأنا ولا الأنا الأعلى.
  2. الأنا: يعمل وفقاً لمبدأ الواقع والتعايش والتكييف مع الظروف المحيطة بما يضمن المحافظة على الشخصية من الأخطار والأنا تنتشر فى غالبية الناس حيت تُعتبر الشخصية الوسط ما بين الهو والأنا الأعلى.
  3. الأنا الأعلى: بإختصار تُعبر عن المثالية ويسعى إليها الفرد سعياً فى محاولة منه للوصول إلى درجة من الكمال ولكن بالطبع نحن نعلم أن الكمال لله وليس لأى شئ آخر، وبهذا يكون الأنا الأعلى فى حالة صراع مع الأنا لشعوره بالإثم وفيه يسعى الفرد للوصول لدرجة من الكمال.
وفقاً لهذا يمكنك إكتشاف وتحديد نوع شخصيتك ومن ثمَ العمل العمل على الترقى لمراحل أعلى واسمى فى الشخصية .
تحليل الشخصية

وبالرغم من أن تعريف وتكوين وعوامل ونظريات الشخصية كان بالأمر المهم معرفته والكتابة عنه إلا أن تحليل الشخصية من الأمور الجميلة التى إذا ما تعلمها الإنسان سيستمتع جداً بالتعامل مع شخصيات كثيرة ومختلفة ليتعرف أكثر على خبايا العقل البشرى وكيف يفكر ويشعر وما صلة أوامر العقل بأهواء القلب؟ وقد وضع علماء علم النفس الكثير من الإختبارات الشخصية لتحليل شخصية الإنسان وأعتقد فى صحتها الملايين ولكن ليس الأمر بتلك البساطة فليس مجرد إجابتك على إختبار للشخصية يعنى تحديد وتحليل شخصيتك فتحليل الشخصية يحتاج إلى أكثر من مُجرد إختبار على موقع إنترنت.